العقل العربي وعقدة الإستعمار

لا يخفى على أحد معاناة العرب مع الإستعمار.

للإستعمار جذور تاريخيه استحكمت بالعقل العربي حتى جعلته يقتنع بالعجز أمام التقدم والرقي وأنه ما يزال يحتاج الوصاية الأجنبيه المباشرة أو غير المباشرة.
جميعنا يعرف مقدرات الوطن العربي وإمكانياته الإقتصاديه لا سيما النفطيه منها إضافة إلى موقعه الجغرافي المميز ورغم ذلك لم يسع العرب إلى توظيف هذه الإمكانيات لمصلحة شعوبهم من أجل منحهم الحق لعيش حياة كريمه يسودها الإطمئنان لمستقبل أجيالهم.

حتى الآن لا زالت الديمقراطيه غائبه عن الساحة العربية ولم تقتنع الأنظمه بما يُعرف بشرعة حقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين السماوية أو القوانين الوضعيه.
قد يقول قائل إن العقل العربي لم يرتق إلى مستوى يجعله ذات قيمه سواء في الإنتاج الفكري أو في عملية التحرر ورفض التبعيه أو على الصعيد الإنساني.
فعلى الصعيد الفكري فقد تحول العقل العربي إلى مستهلك سيء السمعة في الميدان العالمي للعقول فلم يستطع بناء برج أو تخطيط مدينه أو حفر بئر نفط هذا إذا لم نغص في الأبحاث العلميه أو الإكتشافات والإختراعات لكي يواكب الثورة الرقمية التي تحدث في العالم.

وعلى صعيد التحرر فهل أفلت العرب من كماشة الإستعمار؟ وهل تحرروا منذ إستقلالهم الشكلي من سلطة الوصاية الأجنبيه؟ فتحرير العراق من الطاغية صدام حسين جاء من فوهة البندقية الأمريكيه علما أن النظام العراقي السابق كان من إنتاج الولايات المتحده الأمريكيه وأما في بقية الدول فالوصاية كانت أقل تكلفه إذ أن السفير الأمريكي يتكفل بإدارة الأزمات الداخليه ورسم السياسات الخارجيه.
وأما على الصعيد الإنساني فقد عجز العرب عن رفع ثمن الدم العربي فالطفل الفلسطيني أو طفل جنوب لبنان أبخس ثمنا من الطفل اليهودي وقيمة الإنسان العربي لا يحسب لها حساب فالسجون مكتظه بأصحاب الأفكار التحررية والقضايا العربيه المحقة.

إذن العقل العربي محارب من الإستعمار.

هناك عجز في العقليه العربيه ولا بد من الوصاية هذا ما يريده الإستعمار المتمثل حاليا بالولايات المتحده الأمريكيه التي لا تعترف بديمقراطية ولا بشرعية الذين لا يقرؤون بكتابها السياسي كما حصل يوم أمّم جمال عبد الناصر مصالح مصر القوميه وكما فازت حماس في الإنتخابات التشريعيه الفلسطينيه وكما انتصرت المقاومه في لبنان.

إذن ممنوع أن نتحرر.

الواقع أن أزمة العقل العربي مع الوصاية طويله ولن تنتهي هذه الأزمه إلا إذا تحرر العقل العربي من موروثه التاريخي وانتفض على واقعه ليبدأ عملية تغيير شامله بحيث أن الأجيال الناشئه تكون رائدة هذا التغيير.
ما شهدناه في تونس وما نعايشه اليوم في مصر وغدا في اليمن ما هو إلا صرخة مقهوره ضد الأنظمه المتعسفه التي أذاقت البلاد الويلات والمصيبه تلو المصيبه ولكن هل ستنتج الثورة التونسيه بن علي جديد؟
وهل سيحكم مصر مبارك جديد بإسم مستعار؟
وهل يسمح الغرب أن تتحرر الشعوب العربيه من تحت وصايتها؟
أم أنه آن الآوان لخلق أتباع جدد؟!

إن أشد ما أخشاه أن تكون حملة التغيير في الوطن العربي ممهورة بأنفاس أمريكيه حينها يجب أن نصدق ونصادق على أن الإستعمار يرسم لنا الخارطه السياسيه الآنية والمستقبليه وسوف يقر العرب مجددا أنهم بحاجة لتلك الوصايه.

لن يحصل التغيير إلا إذا امتلك العرب القوة وامتلكوا الشجاعه التي كانوا يتحلون بها يوم كانوا ينهشون لحوم بعضهم من أجل حفنة ماء.
يجب أن نمتلك القوة الرادعه التي ستحرر العقل العربي وتلك القوة لن يصنعها إلا الشعب كي ينصب المحاكم في كل ساحة عربيه لينفذ الأحكام العرفيه بكل من باع وطنه من أجل الزعامة والجاه ونهب الثروة وعرض الوطن بأبخس الأثمان.

سوف يحصل ذلك يوم نصبح شعبا يحب الحياة ويعشق الموت من أجل الكرامة والحريه.

فعلا ان العرب يحبون و يطلبون من الغرب أن يبقو أوصياء عليهم و لا أعرف السبب

اؤيد كل ما ورد في الموضوع السيد وسيم بدون استثناء ولكن اريد ان اضيف ان مشكلتنا مع مجتمعنا ومع حكامنا هي اولاً واخيراً مشكلة اخلاقية, فالاستبداد وغياب القوانين والفساد المستشري والظلم القائم واعتماد الرشوة للوصول السريع والتمسك بالسلطة كلها امور نسندها الى الاستعمار وهي من صنيعتنا ولو ان الاستعمار دعم ورسم لنا هذه الطريق الا انها مسؤوليتنا بالذات
كما أن الدول العربية فشلت في المهمة التي تسبق خلق الديمقراطية، وهي عملية بناء الأمة عبر إنشاء المؤسسات والمواطنة، وهذه الدول القائمة ورثت المعادلة السياسية الاستعمارية كالعائلة والقبيلة وعملت على أدلجتها... وهي تشكيلات دون مفهوم المجتمع أو الدولة
أن الهوية العربية الحداثية لا تتطلب "نسخ" التجربة الغربية. و إنه يمكن الوصول إلى ديمقراطية تعددية يكون فيها التنافس قائما على مصلحة الأمة وليس من أجل الطوائف والعائلات... كما أن القومية العربية لم تحقق ذاتها دولة دستورية وأن القوميين العرب وقعوا في خطأ تاريخي حين حولوا القومية إلى "منظومة أيديولوجية، وليس هوية الحداثة" التي تعطي المواطن فردانيته وتقيم علاقته مع الدولة عبر سيادة القانون وحاربة الاستعمار,وذلك بطرق موضوعية عبر ثقافة المواطنية وترسيخ القوانين التي تحمي المواطن وابعاد شبح الفساد والاستبداد... فكل هذه المعطيات مرتبطة بشكل وثيق بثقافتنا وفهمنا لدورنا في عالم لا يتمتع الا بالمصلحة الخاصة فيما يعني الغرب والاستعمار.

اسمح لي استاذ وسيم ان اثني على كلامك الرائع وفكرك النيّر واني ابارك للمنتدى حضورك وتميزك

فلك مني كل التقدير والاحترام
وتحياتي الحارة