مؤتمر وادي الحجير 1920

مؤتمر وادي الحجير
عقد أبناء وأحرار جبل عامل مؤتمر وادي الحجير بتاريخ 1920/4/24 وحضره لفيف من علماء جبل عامـل ونُخبه السياسية والفكرية والإجتماعية وعلى رأسهم الإمام المقدّس السيّد عبد الحسين شرف الدين ، والمقدّس السيّد عبد الحسين نور الدين ، إضافة إلى رموز الثـورة والمقاومـة وكانت أبرز مقرراتـه :

- طلب الإنضمام إلى الوحدة السورية .
- المناداة بفيصل ملكاً على سـوريا .
- الرفض المطلق لكلّ ما تدّعيه فرنسا من أطماع في المنطقـة .
- لزوم الطاعة والإبتعاد عن الشرور، والمحافظة على أموال وأملاك المواطنين المسيحيين وأرواحهم ، ودفع الأذى عنهم وإنذار المعتدين والمخالفين شـرّ الجـزاء .

هذا وقد إنتُدب الإمام السيّد عبد الحسين شرف الدين ، للسفر إلى سوريا ودمشق لرفع القرار إلى الحكومة العربية السورية ، عندها ضرب الفرنسيون مشروع الوحدة ، عندما أعلن الجنرال الفرنسي "غورو " ولادة دولة لبنان الكبير ، مع الإشارة إلى أنّ مشروع قيام دولة وحـدوّية في المنطقة لم يقتصر فقط على المسلمين ، فهناك قوى حزبية وجمعيات كانت في هذا السياق ،
وخلاصة القول ، وهكذا ومنذ اللحظة الأولى لولادة الكيان اللبناني ، إنقسم الشعب إلى فئتين ، فئة رحّبت بالدولة وانخرطت في بنائها والمشاركة في الحياة العامة ، وفئة رفضت الدولة ، وطالبت بالإنضمام إلى دولة سوريا ، وقاطعت المشاركة في الحياة العامة ، ومع بدايات سنوات الإنتداب الفرنسي ، بدأت السلطات الفرنسية بناء المؤسسات والإدارات والسلطات الرسمية اللبنانية ، وقد إعتمدت بذلك على التمثيل الطائفي في إختيار رجال الدولة الجُدد ، وفي تحديد صلاحيات الحاكم ، بإنشاء المجالس التمثيلية لدولة لبنان الكبير وتنظيم صلاحياته ومؤسساته ، وهو النظام الذي سيبقى نافذاً حتى صدور الدستور اللبناني عام 1926 ، وهكذا استمرت المعارضة للمشروع الفرنسي والتي بدأت قبل إعلان الدولة ، فقد كانت أغلب النخب الإسلامية بين عامي 1918 – 1920 تقف الى جانب الحكومة الفيصلية في الشام ، وتورد الصحف المحلّية آنذاك ، قبل وبعد إنشاء الدولة الجديدة ، أسماء النخب الإسلامية " رياض الصلح ، وعمر الداعوق ، ومختار بيهم ، وعلي سلام ، وأحمد عارف الزّين ، والشيخ عبد الحسين صادق ، والإمامين السيّد عبد الحسين شرف الدين ، والسيّد محسن الأمين وغيرهم من الأقطاب حيث شارك العديد من هؤلاء ، في إجتماعات المؤتمر السوري العام ، ورحّبوا سابقا ً بإعلان فيصل بن الحسين ، ملكاً على سوريا ، ولم يتفقوا بعد إعلان الدولة عن مشروع الوحدة السورية كمقدمة لمشروع بناء دولة عربية ، ولكن الأحداث الإقليمية والأوضاع البائسة للشعب العربي ، ساهمت في تكّريس مشروع التجزئة الإستعمارية للمنطقة ، وعليه سوف يبدأ الحديث القانوني والسياسي والإجتماعي من تاريخ إنشاء دولة لبنان الكبير ، ككيان وكدولة ، ضمّ المتصرفية والأقضية الأربعة ، بما تحّويه من طوائف ومذاهب ،.
الرفض الإسلامي للدولة ، قابله نشاط قـوي من قبل النخب المسيحية والتي إستفادت من تلك المقاطعة ، وأخذت تدخل الدولة اللبنانية من أبوابها العريضة والواسعة ، وهذا ما سيؤثر لاحقا ً على مفهوم المشاركة والحصص والتوازنات التي حكمت الحياة السياسية اللبنانية .
ولم تزل تداعيات تلك المواقف السياسية إلى اليوم وذلك لعدم فهم الحقائق السياسية والإجتماعية إلى يومنا هذا .
إنّ الواقع السياسي اللبناني ، واستكمال بناء الدولة فيه ، لم يمنع النخب الإسلامية من المضي قدماً في المطالبة بالوحدة السورية ، وهذا ما حصل عشيّة الإستفتاء على الدستور ، إذ جاءت أغلب أجوّبة تلك النُخب ، ترفض المشروع الدستوري من أساسه ، والأمر ذاته ، قام به النواب المسلمون في جلسة أيار عام 1926 والتي ناقشت مواد الدستور ، وعرفت تلك المرحلة الممتدة بين عامي 1926 و1936 ، سلسلة من المؤتمرات التي طالبت بالوحدة العربية السورية ، وأهمها ما عرف بمؤتمرات الساحل ، والتي كانت تحضرها أهم النُخب الإسلامية ، بالمطالبة بالوحدة السورية ، والرافضة للكيان اللبناني برعاية الإحتلال الفرنسي ، وهكذا بدأ التحول على إيجاد سياسة جديدة لدى النُخب الإسلامية ، تتجه منذ ذلك الوقت للبحث عن موقع جديد لها داخل الدولة اللبنانية ، وتمكّن المسلمون السنّة من التفاهم مع الموارنة ، لإيجاد إتفاق إسلامي مسيحي ، يؤسس لإستقلال لبنان ، وهو ما سيؤدي إلى إعلان قيام الميثاق الوطني عام 1943 ، والذي حكم لبنان لعقود طويلة ، وهو يندرج ضمن العرف الدستوري والذي أتى بنتيجته ، إن تخلّى المسيحيون عن فكرة الحماية الأجنبية ، وتخلّى المسلمون عن فكرة الإتحاد مع سوريا .

يتبع / من إعداد أبو قاسم الزّين

تابع / ومن وجهة نظري كلمة حرّة /
أتحدث عن مرحلة الإنتداب الفرنسي ...

من نتائج ومآثر ذلك ، فقد بلي ثوب الإستقلال ، قبل أن يلبسه الشعب ، وقبل أن يتمتع به ، وقبل أن تتاح له الفرصة ، ليباهي به الدنيا والعالم كله ، وسرعان ما أدرك المواطن اللبناني ، الذي نزل إلى الشارع ، وواجه بنادق الفرنسيون بصدره العاري ، وواجه دباباتهم بساعده الأعزل ، وخصوصاً على أرض جبل عامل والبقاع ، حيث سفكوا الدماء يُمنة ويُسرى من أبناء أرضه المُباركة ، والتي كانت عصيّةً على كُل محتل وغازي وظالم ، وسُرعان ما أدرك أنّ هناك صفقات ومؤامرات ، بين المستعمرالجديد ، وبين أولئك الساسة والتي كانت تدور وراء الكواليس ، والذين لم يستطيعوا أن يفهموا معنى الإستقلال الحقيقي للبنان ، إلاّ جسّراً يعبرون عليه لتحقيق ثرواتهم وتسلّطهم وأنانيتهم ، وخدمة لزعاماتهم العائلية والقبلية الموروثة ، لقد قبض المواطن اللبناني رجال الإستقلال بكل جـدّية وحقيقة ، وظنّ لطيبة وسلامة قلبه ، أنّهم كالملائكة بغير ذنوب ، لا أطماع ، ولا أهداف شخصية لديهم ، فإذا به يصطدم خلال فتـرة وجيـزة ، بوقائع وأحداث ، ما كانت تقع له في تصوّر أو مخيّلة .

إذاً ، الميثاق الوطني عام 1943 أصبح دستوراً للكيان اللبناني ، وخطهُ الشعب بدون شروط ولا مساومات ، هكذا فرض يومذاك ، لا الساسة ولا الزعامات السياسية ، هم فرضوا هذا الإستقلال ، وأي إستقلال هذا نتغنى به ، طالما أنّ بعض الساسة الذين لبسوا ثوب الإستقلال ، عقدوا العزم للإرتهان الغربي أحيانا ً ، والرجعي العربي الذين ولّدهم " سايكس بيكو " والتجزءة والتقسيم ، والخيانات الكبرى تارة أُخرى ، أي ثوب لإستقلال لبنان هذا نتغنى به ، وبعض الساسة اللبنانيون ، إرتموا في أحضان الصهيونية العالمية وإدارتها في واشنطن ، فهذا الثوب للذين تلبسوا به ، جاء صفقة ، يتمُ بموجبها تبادل المنافع والوظائف ، خدمة لمصالحها ولسياستها الدولية والإقليمية ، بعد أن كان في الأصل خاطراً ، طرأ في نفوس الأحرار والمقاومين ، الذين يستحقون هذا الوطن على إمتداده من أقصاه إلى أقصاه ، فالمارونية السياسية تحكم ، والطائفة الشيعية ، لا سبيل لها إلاّ الثورة والإحتجاج والمقاومة في وجه الطغاة الجبابرة والإقطاع السياسي والعائلي المتحكّم ، والكيان الصهيوني ، الذي زُرع في قلب منطقتنا العزيزة في عملية إستعمارية كبرى ، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل .

ومهما يكن من أمر ، فإنّ لبنان الكيـان والوطن ، بدأ مسيرته منذ 22 تشرين الثاني عام 1943 وهي مسيرةٌ إستقلالية في تاريخه ، كرّست الوطنية من جهة ، والطائفية من جهة أُخرى ، ولقد تم بـناء الإستقلال وميثاقهُ الوطني على الصيغة الطائفية ، ومن ثم توزيع مغانم الدولة اللبنانية وفقاً لصيغة إحصاء 1932 ، وبما أنّ علم السُكان ، علمٌ متطور ومتقدم وقابل للتعديل ، فإنّ سياسيي تلك المرحلة ، لم يأخذوا بعين الإعتبار وبشكل عام ، التبدُلات الديموغرافية التي ستحصل في البيئة السكانية للشعب اللبناني ، وخاصة الطائفة الشيعية على إمتداد أرض لبنان بكامله .

تحيــــــــــــــــــــــــاتــــــــــي للجميــــــــــع وشكرا ً ...

[justify]

» قصيدة إلى وادي ونبع الحجير
» إنشودة قبريخا العاملية على تلال نبع ووادي الحجير /