الجمهورية: وقائع تحقيق قضية الطائرة الاثيوبية تثبت ان الطيار كان متعبا

نشرت صحيفة "الجمهورية" خلاصة التحقيقات الدولية في قضية الطائرة الاثيوبية استنادا إلى المسجّل الرقمي لمعلومات الطيران "DFDR"، والتسجيلات الصوتية بين الطيّار ومساعده وبين برج المراقبة.
ولقد أثبتت الوقائع انّ برج المراقبة في مطار بيروت الدوليّ في بيروت قام بواجبه في شكل مهنيّ على أعلى مستوى، وحاول جاهدا مساعدة الطيار الأثيوبي هابتامو بنتي الذي كان مُتعبا وتائها في الجوّ في رحلة لم تعمّر أكثر من 6 دقائق.
وفي ما يلي وقائع ما جرى بحسب خلاصة نتائج التحقيق:
قبل الإقلاع:
القبطان يتحدث مع الطيّار المساعد: أنا مُتعب جدّا. لم أستطع النوم طوال الليل. "بحسب مسجّل الصوت في غرفة قيادة الطائرة".
برج المراقبة: مسموح دخول المدرج 21، وأبلغني عندما تكون جاهزا للإقلاع.
الطيار: جاهز للإقلاع
برج المراقبة: أثيوبية 409، مسموح الإقلاع من مدرج 21، وبعد الإقلاع انحدر يمينا باتجاه 315 درجة.
الطيار: 315 مفهوم.
بعد الاقلاع:
المراقب الجوّي: أثيوبية 409، صباح الخير، مسموح التحليق على ارتفاع 29 ألف قدم.
الطيّار: مفهوم
المراقب الجوّي: سيّدي اقترح عليك التوجّه إلى اليسار في اتجاه 290 درجة، وذلك لتفادي بعض الطقس، لمسافة 15 إلى 20 ميلا، وبعدها يمكنك الانحدار نحو شكّا. والأمر يعود إليك. أخبرني فقط أيّ اتجاه سوف تأخذ.
1 - "الطيار ينحدر في اتجاه 003 درجات، بينما كان من المفروض أن يلتزم اتجاه 315 درجة، وكما يبدو من المسجّل الرقمي لمعلومات الطيران "DFDR" أنّ القبطان قد داس على دفّة الاتجاه اليمنى "Right Rudder".
المراقب الجوي: أثيوبية 409، سيّدي، لم يسمح لك بالاتجاه إلى شكّا بعد، انحدر يسارا في اتجاه 270 درجة.
القبطان: يسارا اتجاه 270 درجة.
2- بدأ الطيّار الانحدار يسارا وطلب من الطيّار المساعد أن يشغّل الطيّار الآلي. إلّا أنّ الطيّار الآلي لم يعمل. وقد تابعت الطائرة انحدارها يسارا متخطية الاتجاه 270 "غربا" المأذون له إلى الاتجاه 180 "جنوبا".
المراقب الجوّي: سيّدي، انحدر يمينا في اتجاه 270 درجة.
الطيّار: مفهوم
3- "لكن الطائرة لم تغيّر اتجاهها كما هو مطلوب، بل تابعت اتجاهها نحو الجنوب"، وقد هبطت سرعتها إلى 120 عقدة "بحسب DFDR". "سرعة الإقلاع على المدرج كانت 170 عقدة". عندها سمعت أصوات إنذار انخفاض السرعة "Stall"، وكان ارتفاع الطائرة 7700 قدم. ثمّ انخفض فجأة إلى 6 آلاف قدم. وتوقف صوت الإنذار.
وهنا سمع القبطان يقول لمعاونه: ماذا يحدث؟
ويجيب الطيّار المعاون: لا أدري سيّدي.
المراقب الجوّي صارخا: أرجوك، انحدر يمينا في اتجاه 270 درجة الآن.
الطيّار: مفهوم
(ولم يغيّر الطيار اتجاه الطائرة، وتابع جنوبا في اتجاه الجبل)
المراقب الجوّي: أثيوبية 409، أنت تتجه نحو الجبال، انحدر فورا يمينا في اتجاه 270 درجة.
الطيّار كبس على المذياع اللاسلكي للتحدّث، لكنه لم يقل شيئا. "صوت المذياع مفتوح".
4- سمع صوت إنذار انخفاض السرعة "Stall warning" ، وارتفعت الطائرة إلى 9 آلاف قدم وتدنّت السرعة إلى 150 عقدة. وبعدها مالت 90 درجة وهوت نحو البحر وارتطمت بالماء بسرعة 800 كلم في الساعة.
وبعدها اختفت الطائرة عن شاشة الرادار.
واعتبر الكابتن الطيار ميشال العقل إن اللافت والمثير للدهشة كيف أنّ الطيّار لم يستطع اتباع تعليمات برج المراقبة، ممّا يطرح تساؤلات عدة، فهل كان متعبا أو مريضا؟ لافتا الى انه "من المؤكّد حصول خطأ في مكان ما، ومن جواب الطيّار لبرج المراقبة نفهم أنه يسمع التعليمات ولكنه لا يستطيع تنفيذها، إضافة إلى ذلك، التسجيل الصوتي يرينا أنّ الطيار حاول تشغيل الطيار الآلي، ولكن الـ DFDR يرينا أنه لم يعمل".
واشار الى ان "أسباب عدة تقف أحيانا وراء ذلك، فربّما لم يضغط الطيّار على المفتاح في شكل كاف، وكان عليه أن يتأكّد وينظر إلى اللوحة، إذ إنّ هناك إشارة تريه إذا كان يعمل الطيّار الآلي أم لا".
ولفت الى أن "لا دليل الى علاقة الطقس او الغيمة بسقوط الطائرة، إذ يمكن تفادي الطقس العاطل الممكن رؤيته على الرادار، كما أنني هبطت بطائرتي عند الساعة الثانية عشرة منتصف الليلة ذاتها وكان الطقس على حاله، وهو كان قد أقلع بعدي نحو الثانية فجرا. وأعطى المراقبون الجوّيون اقتراحهم للطيّار بأن يأخذ اتجاه 270 درجة لتفادي الطقس، والطيّار حرّ في أن يأخذ بهذه النصائح أو لا".
واشار الى انه "عند إعطاء رخصة الطيران يكون الطيّار قد أكمل التدريبات المطلوبة، وبعض الشركات تفرض شروطا بألّا يكون الطيّار ومساعده حديثي العهد في المهنة أو على طراز الطائرة، إذ من المفضل أن يكون أحدهما يتمتع بخبرة أكثر من الآخر. لم يستطع الطيّار اتباع الاتجاه المعطى له، فالسرعة هي التي تجعل الهواء يحمل الطائرة، وتقع الطائرة عندما تنخفض السرعة. ومن التقرير يُفهم أنّ الطائرة ارتفعت من 6000 إلى 9000 قدم فجأة، وبسبب ذلك انخفضت السرعة. كان يتوجب أن تكون السرعة 250 عقدة، وأن لا تنخفض دون الـ 220 عقدة، إلّا أنها انخفضت هنا إلى 150 عقدة، وعند هذا الحدّ تقع الطائرة كالحجر، ولا نعرف لماذا سمحا للسرعة بالانخفاض الى هذا الحدّ".
أمّا عن دوس الطيّار على دفّة اليمين، فلفت الى ان "هذه الدفّة يداس عليها فقط في الطائرات الكبيرة عندما ينطفئ أحد المحرّكات ويقتضي بالتالي معادلة المحرك الآخر على الجهة عينها، وهذه ليست الحال التي حصلت مع الطيّار وإلّا كان تبين ذلك في الـ DFDR . لتدارك الوضع كانت هناك بحسب ميشال العقل احتمالات عدة أمام الطيّار: 1 - كان عليه، ككلّ مرة عند الطيران، أن يتأكّد من أنّ الطيّار الآلي يعمل عند الضغط على المفتاح. 2 - لم يكن عليه أن يخفض سرعة الطائرة الى هذا الحدّ المتدنّي تحت أي ظروف. 3 - إذا كان الطيّار متعبا فلا يجب أن يكون في كرسي القيادة. أمّا برج المراقبة فقام بمهامّه بامتياز، ونبّه الطيّار عندما كان يتوجّه نحو الجبال أكثر من مرّة، مبديا اعتزازه بالمراقبين الجويّين اللبنانيين".