شكّلت ولادة الجيش اللبناني في الأول من آب عام 1945 مرحلة جديدة وكبيرة من عمر الوطن لبنان ومن تاريخ هذا الجيش الوطني والمؤسساتي والرائدة في الوطنية ، حدثاً بالغاً في أهمية دور الجيش اللبناني على كامل التراب الوطني اللبناني والإستقلال المنجـز ، حيث لا يمكن أن تقام دولة في العالم مهما كبر أو صغر حجمها من دون جيش لها يحمي سيّادتها الوطنية من الأخطار المحدقة والمحيطة بها ، لذلك كانت ولادة الجيش الوطني اللبناني في الأول من آب عام 1945 ، تحمل بين جنباتها قدسيّة ورسالة الجندية بكل إباء حيث رفعت شعارها الأوحد ( شرف تضحية وفاء ) شرف للجيش أن يكون جنوده هم من يحمي السيّادة الوطنية للبنان من كافة الأخطار المحدقة به ، وشرف للجيش أن يضحي جنوده الساهرين على أمن وحدود الوطن كل الوطن من شماله إلى جنوبه وبقاعه وسهله ووسطه ، حيث يزرعون بذور الطمأنينة في نفوس المواطنين على حدّ سواء وعلى إختلاف إنتماءاتهم ومناطقهم وولاءاتهم ، إينما تشاهد البزة العسكرية على جسد الجندي اللبناني ، ينتابك شعور بالفخر والأمان والإطمئنان والراحة والسكينة ، وشرف للجيش أن يكون وفيّا ً للأرض والشعب التي هو منها ولها ، ومما لا شك فيه أنّ الجيش اللبناني حاز على ثقة كل اللبنانين على إختلاف إنتماءاتهم الطائفية والسياسية والحزبية ، حيث يعامل الجميع سواسياً وتحت مظلة القانون وهيبة الدولة ومؤسساتها ، ورعى بنجاح باهر ومعهود الحريات العامة في زمن الإنقسامات الحادة والعمليات الديمقراطية في كافة مراحل الإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية على كامل الأراضي اللبنانية رغم اشتداد الإنقسامات الأفقية والعامودية واللغة الطائفية والمناطقية الحادة بين كافة الأطراف السياسية والحزبية والمناطقية المختلفة ، وفي هذا العام ، يطل الأول من آب بفرحة عارمة بالعيد الوطني الكبير الذي تحتفي به المؤسسة العسكرية الوطنية اللبنانية الجامعة في باحة وملعب المدرسة الحربية في ثكنة شكري غانم الفياضية ، حيث تخرّج من كليتها الحربية فرساناً وسيوفا ًكي يقوموا بالدورالوطني الذي ينتظرهم ويصبحوا في سدّة المسؤولية الكبيرة الملقات على عاتقهم من مؤسستهم الأم الجيش اللبناني ذوداً عن لبنان ، إذ يحتفل الجيش اللبناني بعيد تأسيسه هذا العام والذي يحمل بشائر الفرحة والعنفوان والتضحية والفداء لأبناءه الذين ما بخلوا يوماً واحداً بعرقهم ولا بسيل دمائهم أرضاً ، حفاظاً على وحدة لبنان وصوناً له من الأخطار الخارجية المتمثلة بالعدو الصهيوني الذي لا زال يتربص شرّا ًبلبنان كياناً وشعباً وأرضاً وتاريخاً وجغرافياً ، ولم تبخل المؤسسة الوطنية العسكرية الأمّ بدماء عسكرييّها من ضباط ورتباء وأفراد ، في مواجهة العدو الداخلي المتمثل بالإرهاب الدولي المنظّم والمتنقل من منطقة إلى أخرى ، حيث يزرع الرعب بين صفوف المواطنين مما يترك آثاراً سلبية في جسم الوطن الذي أنهكته الحروب والويلات والتهجير ، فيتصدى الجيش اللبناني الوطني ببسالة وشجاعة جنوده رغم تواضع الإمكانات العسكرية واللوجستة والمادية ويقوم بمهامه الأمنية والإنمائية على أكمل وجه ويزرع أجساد جنوده بثبات في الأرض دفاعاً وحفاظاً على أمن الوطن والمواطن ووحدة لبنان وصوناً له ولحريته وديمقراطيته ، فالجيش اللبناني هو حامي السيّادة الوطنية ومؤسساتها الشرعية ، وقد أخذ على عاتقه المسؤولية الكبرى لدرء الخطرين الخارجي والداخلي رغم تواضع إمكاناته العسكرية واللوجستيه ، ومن هذا المنطلق يشكّل الجيش اللبناني رمزاً للوحدة الوطنية ولسيّادة الدولة على كامل تراب الوطن لبنان ، ويحفظ هيبة وبسط سلطته الشرعية على كامل مؤسسات الوطن ، وانطلاقاً من هذا الدور الوطني الكبير والملقى على عاتقه تستمد الجندية رسالتها التي من أجلها أقسموا اليمين بالله أولاً ، وبالوطن أن يحفظوا لبنان من كافة الأخطار المحدقة به ، حيث تشكّل هالة وقدسيّة رسالة الجندية التي تستمد قوتها من القوانين والأعراف المؤسساتية للدولة اللبنانية وللحفاظ على أهم إنجازات الإستقلال الوطني الحقيقي للبنان المتمثل باندحار الإحتلال الصهيوني عن معظم تراب أرض الوطن تحت ضربات المقاومة اللبنانية وتماسك الجيش والشعب معاً ، حيث لا يزال قسم منها يرزح تحت قبضة الإحتلال الصهيوني في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، ولا زال العدو الصهيوني يهدد لبنان يومياً ويمعن خرقا ً في السيّادة الوطنية اللبنانية برّا ً وبحراً وجوا ً ويخرق بذلك القرار 1701 دون رادع أو حسيب وتحت انظار الأمم المتحدة .
إذ يعتبر الجيش اللبناني انوذجاً يقتدى به للمؤسسات الرسمية اللبنانية الأخرى والتي تعمل ضمن المؤسسات الوطنية المختلفة ، حيث يتمثل الجيش اللبناني بجنوده بالولاء الكامل للوطن من أجل الأهداف الوطنية اللبنانية الكبرى ، ومما لا شك فيه أنّ أفراد المؤسسة العسكرية اللبنانية هم من أبناء هذا الشعب وعلى إختلاف إنتمائاتهم الطائفية والمناطقية ، يشكّلون صمام الأمان للوحدة الوطنية ، حيث تنصهر في بوتقة واحدة وتصبح جسداً متماسكاً في قالب واحد وهو الحفاظ على لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات وقيّم وحضارة إنسانية ، ويتجلى في ذلك بالوحدة الوطنية التي تظهر صورة الجيش اللبناني بمناقبية عالية حازت على إحترام كبير من كافة المواطنين في أماكن إنتشاره على جميع الأراضي اللبنانية وتطبيقه بحزم وإحترام للقوانين المرعية الإجراء حتى على نفسه ، وقد شهدنا له ولتضحياته الكبيرة وذلك في عدة محطات وطنية حيث واجه الجيش اللبناني ظروف صعبة وشاقة في مواجهة الإحتلال الصهيوني رغم عدم تكافؤ الفرص في التوازن العسكري الإستراتيجي ، وكان آخرها في عدوان تموز عام 2006 حيث سقط للجيش ما يقارب الخمسون شهيداً وأكثر من سبعماية جريح من مختلف الرتب ، وقد دمّرت له ثكنات ومواقع ومراكز له وأعتدة وآليات ومنشآة عسكرية في مختلف المناطق اللبنانية ، واجه الجيش اللبناني العدوان الصهيوني على لبنان بصلابة وبثبات موقفه الوطني جنباً إلى جنب مع المقاومة ومحتضناً الشعب الذين نزحوا قسراً من قراهم وبلداتهم من جراء العدوان الصهيوني على لبنان ، وبعد إنتهاء وتوقف آلة الحرب الصهيونية المدمّرة في الرابع عشر من آب عام 2006 إنتشر الجيش اللبناني تنفيذاً وتطبيقاً للقرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ، حيث لم يمض ساعات معدودة على صدور القرار الدولي ، إلاّ وينتشرالجيش اللبناني في بقعة العمليات العسكرية في جنوب لبنان وخاصة المتاخمة لفلسطين المحتلة رغم الإمكانات العسكرية واللوجستية المتواضعة ، فقد أذهل إنتشار الجيش اللبناني معظم الدول المشاركة في تطبيق القرار 1701 وحاز على ثقة وإحترام مجلس الأمن الدولي والدول الأوروبية والعربية ، فكانت يده البيضاء تمتد لمساعدة المواطن الجنوبي الذي دمّر منزله واحترقت مؤسساته وبناه التحتية وبدأ برفع الإنقاض وإزالة آثار العدوان بين القرى والمدن التي طالها العدوان بشكل مباشر وغير مباشر ، مما ترك دمعة الفرح والطمأنينة والسكينة في عيون أبناء لبنان وخاصة جنوبه ، ولم يبخل أو يتوانى للدفاع عن لبنان في مواجهة الإرهاب الدولي وانتصاره والقضاء عليه في معركة نهر البارد والتي إستمرّت أكثر من مئة يوم ، حيث سقط للجيش اللبناني 188 شهيداً وأكثر من 1000 جريح لا زالوا يعانون من جراحاتهم ، لم تشغله معركته مع الإرهاب الدولي فبقي العين الساهرة للحفاظ على أمن الوطن والمواطن واستمر بعطاءاته وتصديه للإحتلال الصهيوني في معركته المشرّفة في العديسة ، حيث واجهه العدو الصهيوني بصلابة موقفه وبثباته جنوده المعهودة وسقط له شهداء وجرحى ، ولم يتراجع عن موقفه حيث ترجم على أرض المعركة ، وكتب بالدم ، المثلث الماسي في التنسيق الكامل مع المقاومة ورسم المعادلة الوطنية الكبيرة ورسّخ جذورها فانطلق العنوان الكبير ( الجيش الشعب المقاومة ) والتي أصبحت بنداً رئيسياً في البيان الوزاري للحكومة الللبنانية العتيدة أو أية حكومة مقبلة للبنان ، والتي نأمل منها أن لا تبخل على هذه المؤسسة الوطنية اللبنانية الجامعة والكبيرة من شراء أسلحة دفاعية وأعتدة حربية متطورة وآليات عسكرية من دبابات وملالات وعربات مدرعة وإمدادات لوجستية يحتاجها الجيش اللبناني للقيام بمهامه الوطنية والملقات على عاتقه في مواجهة الخطر الصهيوني والذي لا يزال يتهدد لبنان غير آبه بالقرارات الدولية ولا بإحترام حقوق الإنسان والدول المجاورة لكيانه الغاصب ، إنّ رسوخ هذه المعادلة الوطنية هي التي تحمي لبنان من الخطر الصهيوني المنتظر ، ولن ينتظر المواطن الجنوبي غير ذلك ، حيث أنّ من أتحفنى بمقولته الخرقاء ( أن قوة لبنان في ضعفه ) حيث أثبتت هذه المقولة فشلها الذريع وأصبحنا في يوم من الأيام ومن خلال هذه المعادلة والتي لا تستحق الحبر الذي يكتب بها ، حيث إستفاق لبنان على وزير حرب العدو الصهيوني أريال شارون في قصر بعبدا ، يسرح ويمرح كما يحلو له من خلال هذه المعادلة الخرقاء ، نحن نقول أي الشعب يقول أنّ قوة لبنان هي بجيشه وشعبه ومقاومته ، وهذه المعادلة هي المظلة السيّادية لحماية لبنان من الخطر الصهيوني ، أن لبنان قوي في هذه المعادلة ، لأنه يمتلك قوة الحق في الدفاع عن لبنان ، في مقابل العدو الصهيوني الذي يمتلك حق القوة في العدوان على لبنان ، لذلك نهنىء لبنان ونهنىء الجيش اللبناني ونوجه له التحية الكبيرة والتحية الوطنية ، وننحنى أمام عظمة شهداءه وجرحاه ، ونشدُّ على أيدي ضباطه ورتباءه وجنوده في عيدهم الوطني الكبير ، ونرسّخ معاً بالدم والعرق والثبات في الموقف الوطني المشرّف ونرفع هاماتنا بالمثلث الماسى وبالولاء الوطني المقدّس للبنان الواحد الموّحد من خلال المعادلة الماسية الجيش الشعب المقاومة ...
بقلم : أبو قاسم الزين .
[center]